المنشطات الرياضية الجزء 24 المنشطات الرياضية الجزء 24
الكشف عن المخدرات والمنشطات الرياضية عن طريق فحص أنسجة الشعر
ينمو الشعر من منطقة حويصلية الشكل تدعى بصيلة الشعر ، يتراوح قطرها من ( 15– 120 ) مايكرومتر اعتمادا على موقعها من الجسم ، وتكون بصيلة الشعر محاطة بشبكة من الشعيرات الدموية تقوم بتغذيتها . وأهم مكوّن للشعرة هو بروتين يحتوي على مادة الكبريت يسمى كيراتين ( keratin ) ، المسؤول عن الطول والبناء الليفي للشعرة . يمر نمو الشعر عند كل شخص عبر مراحل ، فالشعر يمر بمرحلة النمو ( anagen phase ) وفيها ينمو الشعر ويزداد طوله بمعدل ثابت ( 1.3 سم كل شهر تقريبا ) ، ولذلك فانه يلزم للشعرة حتى تبزغ أو تظهر من ( 4 – 5 ) أيام ، وهذا يعني أنه لا يمكن الكشف عن المدمن الحديث قبل هذه الفترة لعدم المقدرة على أخذ عينات لفحصها . يعتمد طول الشعرة النهائي على زمن بقاء فترة مرحلة النمو والتي قد تستمر لعدة سنوات كما هو الحال في منطقة الرأس ، وأن هذه الفترة تختلف من فرد لآخر ، ومن منطقة الى منطقة في الجسم . عند انتهاء فترة النمو ، يتباطأ نمو الشعر ويتهيأ بالدخول في المرحلة الانتقالية ( catagen phase ) ومدتها تقدر بثلاث أسابيع ، ثم تأتي مرحلة التوقف عن النمو ( telogen phase ) التي تبقى لثلاث أشهر ، بعدها يبدأ الشعر القديم بالتساقط ويحل محله شعر جديد يمر بالمراحل السابقة . يجب الاشارة الى أنه لا يمر جميع الشعر بهذه المراحل بوقت واحد ، فمعظم الشعر ( 85 % ) يكون في مرحلة النمو ، والبعض الآخر يكون في المرحلة الانتقالية ، والقليل المتبقي يكون في مرحلة التوقف . ان معظم التجانس في النمو نراه في شعر الرأس وبالتحديد في الناصية الخلفية منه .
تنتقل المواد الكيميائية ومخلفاتها بما فيها الأدوية المسموحة وغير المسموحة كالمخدرات الى الشعر عبر الشعبرات الدموية المغذية لبصيلة الشعر التي تمر في مرحلة النمو ، بعدها يدخل الدواء ويمتزج بألياف الكيراتين ، وقد يمتزج بصبغة الميلانين الموجودة في الشعر كعقار فنسايكليدين ( P.C.P ) ، لقد درس الباحثون طرقا مختلفة لعبور الدواء الى انسجة الشعر ، منها مثلا دخوله عن طريق افرازات غدد العرق والغدد الدهنية وغيرها من افرازات الغدد قبل بزوغ الشعر من سطح الجلد وتكوين طبقة كيراتين الشعر . وفيما يرى باحثون آخرون باحتمالية وجود طرق أكثر تعقيدا لدخول الأدوية في أنسجة الشعر وهي في طور نموها ، فلقد وجد بأنه وبالرغم من قصر نصف عمر مادة الكوكائين ، الا انها كانت المادة الرئيسة التي كشف عنها في الشعر بعد تناولها عن طريق الفم ، وفي المقابل نجد أن ناتج استقلاب الكوكائين وهو مادة بنزويل – اكجونين bezoylecgonine حيث وجد بأن تركيزه كان أقل بشكل واضح في أنسجة الشعر بالرغم من تواجد هذا المستقلب في الدم بتراكيز عالية مقارنة بالمادة الأصيلة ( الكوكائين ) ، بينما كانت مادة بنزويل – اكجونين المادة الرئيسة في كل من الدم والبول . لم يحدد تفسير واضح لهذا العبور التفضيلي أو الانتقائي في أنسجة الشعر عبر الشعيرات الدموية ، لكن بات من المؤكد بأن أنسجة الشعر تمثل بيئة ملائمة لثبات الأدوية لفترات طويلة .
وحتى تتم عملية الكشف عن المخدرات في أنسجة الشعر يجب أن يكون تركيزها قابل للكشف عنه من قبل الأجهزة الحديثة ، وهو ما يعرف بالمستويات الدنبا للكشف
( The Limits of Detection , L . O . D. )
الجدول التالي يبين أهم المخدرات التي يمكن الكشف عنها عن طريق أنسجة الشعر والتركيز الأدنى للكشف ( Lowest possible cutoff levels ) .
المادة المخدرّة
أقل مستوى من المخدر في أنسجة الشعر لكل 10 ملغم وزن شعر
كوكائين ومخلفاته
5 نانوغرام
بعض أدوية مجموعة أمفيتامين
5 نانوغرام
مورفين وكودائين
5 نانوغرام
فنسايكلدين
3 نانوغرام
يتضمن فحص المخدرات عن طريق الشعر بقص عينة من الشعر من منطقة الرأس وخصوصا من مؤخرة ناصية الرأس بسبب تواجد معظمه في مرحلة النمو ، يتم قص ما يعادل ( 25 ) ملغم ما يقارب ( 60 – 100 ) عددا ، تقص قريبا من جلد الرأس ، وأن الطول المناسب هو ( 4 ) سم وهذا يمثل نهاية مرور ( 90 ) يوما بعد أخذ المخدر ، بمعنى أن الفحص يمكن أن يتم في الفترة الزمنية الواقعة ما بين بزوغ الشعر ونهاية التسعين يوما اعتمادا على عوامل تتعلق بالمخدر وطريقة الفحص وغيرها ، وفي حالة عدم وجود شعر على الرأس يتم اللجوء الى أخذ عينات من مناطق أخرى من الجسم وخصوصا منطقة العانة ، أو أخذ قصاصات من الأظافر لاحتوائها على نفس بروتين الكيراتين المكوّن للشعرة . بعد ذلك تعامل عينة الشعر معاملة دقيقة وطرق مراقبة سليمة للتأكد من وصولها الى المختبر المختص دون تبديل أو تلاعب بها .
يتطلب اجراء فحص عينة الشعر للكشف عن وجود مخدرات طرق مخبرية تبدأ من غسل الشعر للتخلص من الشوائب العالقة من مواد كيميائية والتي يمكن أن تعطي نتائج ايجابية خاطئة ، ويستعمل لهذا الغرض مذيبات عديدة ، مثل غسل الشعر بمادة ثنائي كلور ميثان ( Dichloromethane ) لمدة ( 15 ) دقيقة وعلى درجة حرارة ( 37 ) درجة مئوية . ولأن مثل هذا المذيب لا يستطيع أن يتخلص من بقايا المواد الكيميائية الذائبة في الماء والتي قد تكون دخلت الى الأجزاء الداخلية للشعرة ، فان مختصين يفضلون استخدام مذيبات أكثر ذوبانا في الماء مثل الميثانول أو الماء نفسه أو خليط من الماء والميثانول بنسب محددة ، أو استخدام مذيب عضوي لاذاية المواد الدهنية ومواد كيميائية عالقة وملتصقة على الشعرة ثم يتبعها استخدا مذيب أو مزيج من المذيبات الذوابة في الماء للتخلص من المواد الكيميائية. ثم تخضع عينة الشعر الى عملية التحطيم باستخدام مواد كيميائية أو بطرق انزيمية ليكون المخدر جاهزا لعمليات الاستخلاص والكشف عنه نوعا وكما بواسطة أجهزة مخبرية متطورة في درجة الكشف عن كميات قليلة جدا ، مثل هذه الأجهزة الحديثة أجهزة الفصل الكروماتوغافيا الغازية المتصلة بجهاز مطياف الكتلة ( GC / MS ) .
تمتلك طريقة الكشف عن المخدرات بواسطة أنسجة الشعر العديد من الأمور الايجابية الفريدة مقارنة بطرق الفحص التقليدية عن طريق الدم والبول ، والتي يمكن اجمال بعضها بالنقاط التالية :
1 – عينات الشعر لا تحتاج الى متطلبات خاصة للخزن و/ أو النقل .
2 –الدراسات تفيد بثبات الأدوية في أنسجة الشعر وعدم تخربها بحيث يمكن اعادة التحليل من عينة الشعر حتى بعد مرور فترة زمنية على العينة .
3 – امكانية اعادة الفحص والتثبت من النتائج بأخذ عينة أخرى من الشعر بعد مرور فترة طويلة والمتمثلة بآخر ( 90 ) يوما ، الأمر الذي يستحيل عمله لاعادة الفحص عن طريق البول أو الدم لأن بعد مرور يومين أو ثلاثة على الأكثر من تناول المخدر يكون قد طرح من الجسم .
4- تعتبر من الفحوصات المكملة والمدعمة لنتائج الفحوصات الأخرى مثل فحوصات الدم أو البول .
أما سيئات طريقة الفحص بواسطة أنسجة الشعر فتتمثل في عدم الكشف المبكر عن المدمن الحديث لآن أخذ العينة لا يمكن الحصول عليها الا بعد بزوغ الشعر ، وهذا يتطلب وقتا يقدّر بخمسة أيام على الأقل ، كما أنه لا يمكن الكشف عن الشخص غير المدمن والذي أخذ جرعات معدودة وبشكل غير متكرر ، بسبب النمو البطيء للشعرة ودخول كمية قد لا تقاس .
بالرغم من تزايد وتنامي القبول بطريقة تحليل الشعر للكشف عن المخدرات ، الا أن هناك العديد من المعوقات التي تحتاج الى انتباه وتقييم علمي ، منها :
1 – التلوث الطبيعي الذي يقود الى نتائج ايجابية خاطئة لا تعكس الحقيقة أو وجود مخدر . فالعديد من الأبحاث أشارت الى احتمالية تلوث الشعر بالمواد الكيميائية الموجودة في الطبيعة ، وقد تنتقل بودرة الكوكائين الى شعر أطفال لآباء مدمنون ، عن طريق أصابعهم مثلا ، فلقد كانت بعض فحوصات الشعر إيجابية لبعض أطفال آباء مدمنين . كذلك كانت بعض النتائج ايجابية لبعض أفراد الشرطة الذين يتعاملون بشكل مباشر ومتكرر مع المخدرات.
2 – التباين الواضح في وجود بعض المخدرات في الشعر الأسود الكثيف مقارنة بالشعر الناعم ذو الألوان الفاتحة . فالدراسات الحديثة التي أجريت على فئران رقطاء بمعنى أن جلدها يحتوي على بقع من الشعر الأسود الداكن وبقع أخرى ذات لون فاتح ، تبين عند حقنها بمادة الكودائين أن تركيزه في الشعر الداكن يعادل حوالي ( 40 ) مرة أكثر من تركيزه في أجزاء الشعر الفاتح ، وهذا ينطبق على الإنسان كما أشارت إليه الدراسات وهو تواجد بعض المواد ( وخصوصا مادة الكوكائين ) في الشعر الداكن أكثر من تواجدها في الشعر الناعم ، وهذا الاختلاف غير موجود عند الفحص عن طريق البول أو الدم .
3 – تأثير مواد التجميل المتعلقة بالشعر على نتائج الفحص المخبري : بعض المدمنون يلجئون الى صبغ شعرهم أو استخدام مواد التشقير محاولة منهم لاخفاء وابطال بعض المواد التي قد تظهر في الشعر ، ولكن مثل هذه الأعمال لا يمكن أن تمنع تدفق المواد الى مكونات الشعرة الداخلية عن طريق الدورة الدموية .
إن مجال فحص الأدوية في تطور واتساع وهذا انعكس بالتأكيد على فحصها عن طريق أنسجة الشعر ، وهناك مؤسسات مختصّة بخلو أماكن العمل من المخدرات تطلب من أرباب العمل القيام بفحص المتقدمين للعمل والتأكد من سلامتهم من المخدرات ، حتى بات هذا الأمر أمرا عاديا متعارف عليه ، فالجيش الأمريكي مثلا يقوم بفحص ما يقارب مليون شخص سنويا بين مجندين جدد وقدامى ، وقد تعدى ذلك الى فحص طلاب المدارس بشكل دوري من قبيل الاهتمام والمراقبة والخوف عليهم من الوقوع في السلوك الادماني ، مع تخويفهم من العقوبات المترتبة على ذلك . ولقد أشارت بعض الدراسات أن عمليات الفحص هذه تجرى عن طريق البول بنسبة تقدر ( 80 % ) ، وأن ما نسبته ( 2 % ) من هذه الفحوصات تجرى عن طريق أنسجة الشعر ، والسبب في هذا هو النظرة القانونية للفحص عن طريق الشعر ، حيث أن فحص البول هو المقبول عالميا في المحاكم ، والأمر الآخر هو قلة الأوراق العلمية التي تدعم فحوصات الأدوية عن طريق أنسجة الشعر وتزيل الشكوك عنها.
الصيدلاني راتب الحنيطي